البارحة ، عند الساعة السادسة مساء انطلقت بنا الحافلة
صوب مدينة طانطان . ستمضي الحافلة ثمان ساعات كي أصل ، ومن كثرة أسفاري أصبحت أقنع
نفسي بضرورة الاستمتاع بتلك الأوقات بدل السأم من الانتظار .
حينما تجاوزنا مدينة العيون ، أثار انتباهي شاب ذو لهجة
حسانية أصيلة ، ظننته في البداية أحد طلاب الجامعة الذاهبين إلى مدينة مراكش أو
أگادير . بعد مرور وقت طويل ، طلبت منه الجلوس بجانبي فطاوعني . سألته إن كان من
طلاب الجامعة فأجابني بالنفي . بينتُ بأنني أدون حول المبادرة وما يدانيها ، وبأنني
مهتم بمناقشة الشباب - وهو منهم – حول رؤيتهم لحل مشكلة البطالة ، وكيف نمتلك زمام
المبادرة . هم بالحديث فسألته إن كان لا يمانع في تسجيل الحوار بهاتفي فكان مرنا
للغاية .
-اسمي محمد فاضل بن أهل الخراشي ، من سكان مدينة بوجدور
، ومن مواليد سنة 1987 . درست لكنني لم أوفق في دراستي ، وأعمل حاليا في بوجدور.
- لو سمحت لي ، لكن هناك شخص شهير طالما سمعنا عنه اسمه
الخراشي .. ما صلتك به ؟
- تشابه أسماء . وإن كنا من نفس القبيلة .
- أستغرب لتصاريف القدر كيف رماك في طريقي . فأنا متهم
بميدان المبادرة ، وذاك الرجل كان نموذجا للكفاح والعصامية .
- هو كذلك . والجميع يشهد له بها . عمل في الفلاحة
والصيد ، ولا يأكل إلا من عرق الجبين .بقيت له مأثرة .
- بحكم أنه من أقاربك ، لعلك تسلط الضوء على بعض الجوانب
من حياته العملية .
- ذاك الرجل ... كإشارة فقط ، لقد توفي في يونيو السنة
الماضية .
- رحمه الله .
- آمين . توفي حديثا وله أبناء ، وكل أفراد عائلته
بمدينة بوجدور . رباهم وأطعمهم من كسب يده . وهو أول من خاض الصيد بمدينة بوجدور ،
وفتح نقاط صيد بها .كنقطة بوجدور ونقطة افتيسات .
- هل تعرف متى كان ذلك ؟
- عام 1976 على وجه التقريب . صنع قاربا لنفسه وخاض غمار الصيد . وقدم رجال من حاحا والصويرة ونواحيها وعملوا معه . هو أول من اكتشف نقطة
الصيد افتيسات والتي تعد الأكبر على صعيد الصحراء .
- كم تبلغ نسبة الصحراويين الذين يتعاطون العمل في الصيد ؟
- تقارب الصفر في المئة . في أحسن الأحوال واحد بالمئة .
- لعلك أنت ذاك الواحد ؟
- لا .. هناك شباب آخرون . منهم من يصيد ، ومنهم من
يشتغل في بيع السمك مثلي ، ومنهم من يشتغل في إخراج القوارب للبر ( هز دوز ) ...
حواري مع الشاب المكافح لم ينته ، لكنني بالكاد أستطيع
أن أفتح عيني من غلبة النوم . فسفر البارحة أثر علي . أرجو المعذرة ، على أمل
اللقاء غدا لإتمام الحديث ...
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق