* لأسباب خاصة، تم تغيير الاسم الحقيقي للبطلة
لا أحب قولها ، لكنها الحقيقة ... المبادرة بين الإناث قليلة مقارنة مع الذكور ، ونحن لسنا استثناء في الجنوب .
لا أحب قولها ، لكنها الحقيقة ... المبادرة بين الإناث قليلة مقارنة مع الذكور ، ونحن لسنا استثناء في الجنوب .
هذه هي القاعدة ، ومن بين كل أقاربي لا أعلم بفتاة كافحت
من أجل استقلالها المالي كما فعلت أمينتو... نعم ، اسمها كما قرأت ، فكثير
من أسماء الإناث تمد بالواو عندنا كـ : فاطمتو ، وخديجتو ، و...
في عام 1995 ، نزحت عائلتها إلى بوجدور . تركوا بهجة
العيون لما كانت للعيون بهجة ، وجاؤوا ليساكنونا في مدينتنا الساحلية الصغيرة
الهادئة . تركوا العيون التي ترامى البنيان فيها حتى اكتسح الجوار، وجوار الجوار ،
وبدا أن وحش البنيان لا شيء سيوقفه فيها . ارتفعت وتيرة الحياة هناك ، وازداد ضغطها
. تستيقظ فلا تشعر بمرور الوقت إلا حينما تأوي إلى الفراش ليلا ... سرعة ، سرعة ،
سرعة ، أي حياة هاته ؟
كثير من سكان الجنوب شيوخ وشباب ، ذكور وإناث يحصلون على
إعانات شهرية تسمى كارطية تبلغ في هذه اللحظة قرابة ألفي درهم مغربي ( 239 دولار ) ، وكثيرون يشتركون في
كارطية مناصفة أو مرابعة ...
الكل يقول بأنها لا تسمن ولا تغني من جوع ، لكن أمينتو أثبتت أنها تسمن وتغني حتى تفيض من الجيب الدراهم .. كانت تمتلك حسا قياديا . جمعت
أخواتها ومن قَرب من أفراد العائلة ، وشكلوا "جمعية" . يساهمون شهريا
بمبلغ معلوم ، ويتبادلون الأدوار في أخذ ما يجمعونه . كل فرد حينما يأخذ نصيبه كان
يعبر عن طريقة تفكيره وأولياته . بالنسبة لها اتفقت مع أخواتها على افتتاح متجر في
الكراج الصغير لبيتهم ، متجر لبيع الملاحف ، ونعال الرجال والنساء على السواء .
إنها تجارة محترمة في مجتمعنا . شرعت أمينتو تدير مشروعها الصغير بإحكام ، وتضيف
إلى رأسماله ربحه وما تيسر لها .
إذا لم يسبق لك أن سمعت عن تارزيفت فخذ تعريفها
. إنها رزية وآفة وخسارة وضريبة لدى الرجال ، وواجب اجتماعي لدى الكثير
من النساء . إنها شكل من أشكال التضامن في المجتمع الصحراوي بقطع النظر عن انحراف
هذا التعاون عن مساره النبيل . في أي مناسبة تطرأ سواء في العرس أو ازدياد مولود
أو انتقال إلى مسكن جديد يفرض عليك التقليد أن تساعد بما يناسب المقام وبما تقدر
عليه . كذلك الحال لو جاءك زائر ، بل لو ذهبت أنت أيضا إليه ، لا بد أن تقدم في
الحالتين هدية كعطور أو ملابس أو نعال أو كل ذلك مجتمِعا في كثير من الأحيان ، وفي
الأخير .... اعتذر عن التقصير .
أمينتو حلت المشكلة ، ففي أي وقت من الشهر حينما يحل عليك
ضيف ، وتريد إكرامه بما يناسب خذ من السلع المتوفرة ما تشاء ، ولو لم تكن لديك
نقود .
لم تنل أمينتو حظا كبيرا من التعليم ، لكنها تعلمت في
الكتاب ما يكفيها لتضبط أسماء المدينين والمبالغ التي في ذمتهم . وتعلمتُ في صغري –
وكبري أيضا – أن البيع بالدين من أكبر الآفات على التاجر ، لكن أمينتو علمت زبائنها
كيف يجعلونها على رأس أولوياتهم .ففي اليوم المحدد لاستلام الكارطيات ، يحتشد
المئات في انتظار تسلم الإعانة الشهرية . تجلس أمينتو في أنسب مكان يمكّنها من رؤية
المدينين وهم في طريقهم إلى منازلهم ، ومَن لم يأت من تلقاء نفسه كانت تناديه ،
وبطريقتها المرحة كانت تستخلص مستحقاتها . إنهم لا يشعرون بالخجل حينما يأتون لأخذ
ما يريدون ، فكانت هي أيضا تأتيهم في ذلك اليوم المهم... وضميرها خال من الحرج .
تعود الزبناء على الأداء ، وكانت هي تفتح لهم المجال
أكثر وأكثر . لذلك كثرت أسفارها لمدينة العيون للاتيان بالسلع الجديدة ، ثم تطور
مشروعها فصارت تأتي بها من موريتانيا .
حينما تقدم شاب للزواج بها كانت هي ما ينقصه فقط . لأنها
كانت قد انتهت من بناء منزلها .... بارك الله لها في زوجها ودارها ومالها .