01 يناير 2013

أخيرا، بدأت التدوين

في عام 1985 كنت أدرس بالصف الثالث الإبتدائي ، ومن أمتع مُتع الدنيا لدي آنذاك ، تقليب صفحات كتاب القراءة ، وقراءة نصوصها مرات وكرات... في تلك الحقبة كانت الرسومات في نظري ساحرة وخلابة ـ خصوصا مناظر المراعي والبسط الخضراء في البراري والمروج ... نحن أهل الصحراء نفتقد الخضرة ونعشقها كابرا عن كابر ... في تلك الرسومات كنت أسرح بخيالي بعيدا ، حتى أنني تمنيت لو أن الواقع كان كتلك الرسومات .. لعلي لا زلت أراها ساحرة حتى الآن لسبب بسيط ، وهو أنها تثير ذكريات دفينة كادت تَمَّحِي ...
من بين الرسومات التي كنت أدقق فيها النظر رسم لفلاح شمر عن ساعديه ، وراح يذرع الحقل بمحراث يجره ثور ... كل ذلك كان مفهوما لدي ، لكن الذي ظل يحيرني دائما هو منظر الطيور البيضاء الكبيرة التي كانت تسير على أثر الفلاح مع العلم أنه كان يحرث ، ولم يزرع بعدُ ... ما الذي يغري تلك الطيور  باقتفاء أثره دون أن تخشى أن يلتفت إليها فجأة ، ويرسم على جسدها الأبيض الجميل خطا أحمر - طبعا لو كان لدى الفلاح سوط ، لكن معلمنا كان كذلك ...
حينما كبرت علمت بأن الفلاح كان يقلب التربة لتهويتها ، وكان حينها يخرج من تحت الأرض ما تحيا به كائنات أخرى ، فالأرض بطنها ملأى بالخيرات ، وعلى ظهرها من هم في مسيس الحاجة إلى خيراتها ...
بعد أسبوعين تقريبا ، ستكمل مدونة شبايك عامها الثامن ، وقد وجدت من حقي على نفسي وعلى قرائها أن أقلبها تقليبا ، لا لتهويتها ولكن لإخراج ما أمكنني من كنوز ...
ولأنني أدرك بأن عملي لن يكون محايدا مئة بالمئة فقد سميت هذه السلسلة "مدونة شبايك كما أراها" ...
سأحاول أن أتتبع التدوينات من أولها إلى آخرها مع تعليقات القراء ، وأسجل ملاحظاتي ونقدي ، مع التنبيه على أهم التدوينات والتعليقات في نظري ...

لقد شجعني أستاذي رؤوف على التدوين ، لكنني مثل الكثيرين قد لا يعجزني الأسلوب ، ولكن ما فائدة أسلوب بلا مضمون ... في ماذا سأتحدث ؟ ماذا لدي ؟ لقد أجبته بأنني لو قدر لي أن أنشئ مدونة لما كانت في أقصى أماني إلا أن تكون مثل مدونة شبايك ، فلماذا أكون نسخة مكررة ؟ ...
أعتقد  أن أحسن توقيت للانطلاق هو هذه المناسبة ، لأذكر نفسي وغيري بأن مدونة شبايك ذات يوم كانت تضم تدوينة واحدة ، بل كانت فكرة فقط ... كانت بذرة صغيرة جدا ، لكنها بذرة صالحة للنمو إذا تُعُهِّدت بالسقي والرعاية و"التدوين" . يقول نيوتن : إننا نرى ما لم يره الذين من قبلنا لأننا نقف على أكتافهم .
أنا بدوري أحاول أن أقف على كتفَيْ رؤوف .... لعلي أرى شيئا لم يره . ولعلي رأيته ...
أستمر أو لا أستمر ؟
ذلك الأمر لا يهمني وعلمه ليس في مُكنتي ... الشيء الوحيد الذي  في يدي هو أن أبدأ ، وها أنا ذا قد فعلت .

ليست هناك تعليقات: