26 يناير 2013

الأمر خطير


بداية ، لم أتمكن من التدوين البارحة لأنني كنت في البادية . خذلني هاتفي المحمول ، إذ سرعان ما نفد ما به من طاقة ، ولم أجد شاحنا يناسبه لكي أغذيه بالطاقة الشمسية .
دعينا إلى بيت أحد الأقارب بعد مجيء عمي محمد إلى بوجدور ، وكنا ثمانية . ثلاثة من الحاضرين اشتعلت رؤوسهم شيبا. طيلة الوقت كنت أراقبهم .
تعجبني نظرتهم للأمور ، وكذلك مزاحهم النظيف . تجاذبوا أطراف الحديث حتى ذكروا أن مئة من الشباب ممن تضرروا من تغيير الميناء القديم ، الكثير منهم تم دعمهم بآليات ووسائل نقل كتاكسي الطرود (هوندا) يبدو أنهم أحسنوا استغلال . كان أولئك الشباب يقومون بإخراج القوارب من البحر وإدخالها ، وعرفت حرفتهم بين الناس ب "هزْ دُوزْ" .
ذكر أحد الحاضرين – إن كان صادقا – أن من بين المئة شاب لم يكن هناك إلا صحرواي واحد . سألت أوسط الشيوخ واسمه ابراهيم :
-      لماذا تخلو كثير من الميادين من شبابنا ؟
-      الكِبْر ولا شيء غير الكبر ... وإلا فما المانع ؟ كان الناس يأكلون من عمل أيديهم ومن عرق جبينهم ، فصرنا نرى الكثيرين يأكلون وهو نيام .
تأملت كلامه فوجدت فيه سببا ينبغي أن نتأمله . منذ أن ألف شبابنا الحصول على دخل شهري بدون تعب صار الإنتاج يقل ، وأصبح ذوو السواعد القوية يميلون إلى الدعة والخمول .
ارتفاع البطالة لدينا له أسباب داخلية وخارجية ، اقتصادية واجتماعية ووو ... ولكن ، هناك سبب قل أن نسمع ذكره أو من يتحدث عنه ، وهو خروج المرأة للعمل لدرجة تفوق الحد الطبيعي .
من الإجحاف القول بعدم خروجها مطلقا ، فقد تكون أرملة أو فقد زوجها القدرة على العمل لعجز دائم أو طارئ عن العمل ، أو أن لا يكون مهتما أصلا بالإنفاق على العائلة جراء الانشغال بالمقامرة ومعاقرة الخمر . ومن الإجحاف أيضا القول بخروجها على كل حال .
خلق الله الرجل وميزه بالبنية الجسدية القوية مما يمكنه من تحمل شدائد الحياة ومصاعبها . وخلق في المرأة عاطفة جياشة ينظر إليها على أنها نقطة ضعف . وليت شعري ، من يقول هذا الكلام هل يعيب الخالق الذي يخلق ما يشاء ، أم يعيب المخلوق الذي لا يملك أمر خلقه؟
البكاء في النساء عند الخصام أكثر ، وهو من تجليات الحس المرهف الذي لولاه لما تمكنت من رعاية أبنائها . وهل تستطيع المرأة النوم إذا مرض أحد أبناءها حينما يغط الرجل في نمو عميق ؟؟ نعم ، نوم عميق . ولن يستطيع العمل كما يجب لو لم تقم المرأة بذلك الدور .  هناك تكامل ينبغي الاعتراف به ، كما ينبغي الاعتراف بأن دور الولادة والتربية لن يستطيع أحد القيام بها سوى المرأة .
قبل سنوات شاهدت تقريرا حول التعداد السكاني لليابان ، وأنها سينخفض بنسبة رهيبة لأن الفتيات صرن يتأخرن عن الزواج إلى ما بعد الثلاثين حتى يحققن أحلامهن في الدراسة والعمل .
من يحرم شخصا ما من تحقيق حلمه ، لكن السؤال الذي طرح عليهن في نهاية التقرير :
-      ما هو الحل المشكلة في نظركن ؟ ومن يستطيع التفرغ لإنجاب جيل الغد الذي سيكون ضمانا لاستمرارية الأمة ؟
حينما ينظر الشخص إلى المشكل من زاوية المنفعة الشخصية له الحق أن يفكر كما يشاء ، ولكن حينما يعلم بأن قراره سيؤثر على الأمة بأسرها على الأمد المتوسط والبعيد ، حينها ينبغي أن يفكر بشيء من الجدية ، فالأمر خطير .... 

ليست هناك تعليقات: