01 فبراير 2013

الخراشي ... أسطورة العمل البوجدورية - الجزء الثالث


واليوم نتابع حديثنا عن أسطورة العمل البوجدورية الخراشي رحمه الله . لحديثنا جزء أول وثان فراجعه .
بداية أشكر الـمُعَلِّق عبد المولى بابي الذي كان تعليقه مركزا في التعريف بالرجل الذي نتحدث عنه ، وأقتبس منه ما يلي تعريفا بنسب رجلنا: هو "الموسوعة الخراشي بن أحمد العبد بن علي ، الملقب بعمي خاشي رحمه الله" .
وثانيا ، لعل المهتمين بالتنمية البشرية وخصوصا الذي يدرسون التفكير وأنماطه ، لعلهم سيدركون أن الرجل كان ذا فكر إبداعي خلاق ، بارعا في حل المشكلات . وأسوق الحادثة التالية التي تؤكد ذلك .
كان الخراشي يقود سيارته . وفي أرض قفر تعطلت السيارة . انكسر قضيب حديدي يكون أسفلها – لا أدري بم يسمى - ، لكنه يوجد أسفل كل السيارات ويدور حول نفسه ما دامت تتحرك . فماذا فعل الخراشي ؟
بعد مدة من التفكير ، وبعد إعداد الشاي واحتسائه قرر أن عماد خيمة كان يحمله معه سيحل المشكلة . جبر طرفي القضيب المكسور بضم الركيزة إليهما ، وشدهما إليها بإحكام بحبال متينة. وبعد محاولات تمكن شطرا القضيب الحديدي من الدوران حول نفسهيما في توافق ، مما يعني أن السيارة تستطيع السير حتى المدينة .
إن المنصف ليدرك بأن هذا النمط من التفكير نمط إبداعي نادر أصيل، لا تكشف عنه إلا المشكلات الأصيلة غير المسبوقة .
حسنا ، قد يبدو لك الأمر عاديا ، ففي أحسن الأحوال ليس لديه ما يخسره لو غامر ودفعت السيارة ثمن المغامرة ، لكن يضلح ذلك في عالم البشر ؟
كان الرجل مشهورا بمعالجة الكسور المستعصية . وهنا يبدأ حديثي مع محمد فاضل رفيقي في السفر حيث قلت له :
-      هل تعلم بقصته مع السيارة ؟
-      نعم . تلك قصة معروفة ، لكنني أزيدك شيئا آخر . ذلك الرجل كان طبيبا تقليديا ، بل حصل على شهادة من وزارة الصحة الإسبانية إبان الاستعمار الاسباني . كان يقوم بالحجامة . ولن تصدق بأن العظمة العلوية من جمجمته منزوعة ، ولن تصدق بأنه هو من نزعها .بل فعلها مع آخرين في حالات مستعصية ، قام بنزع العظام من أماكنها ، ثم نظفها وأعادها إلى سيرتها الأولى ، وأحيانا ينزع عظم ساق ويعوضه . ذات مرة جاءته امرأة من بوجدور فنزع عظم ساقها لما تعفن ثم وضع مكانه عظمة من عظام ناقة (حرگفة زايلة) ، ولما شفيت المرأة كان من غير الممكن أن تلاحظ شيئا غريبا في مشيتها ، وعاشت بشكل طبيعي.
-      من يا ترى من أبنائه يبدو لك مميزا ؟
-      لديه ابنان يعملان في الصيد حاليا . أحدهما في افتيسات ، والآخر في بوجدور يتاجر في جميع أنواع السمك وخصوصا أجودها.
-      ألا ترى معي أن شبابنا عموما في الصحراء يميل إلى الدعة والكسل والخمول ، فماذا تقول ؟
-      شبابنا كما قلتُ لك قبل قليل فيه الكثير من التَّرْشَه (الكِبْر) ، يقول أحدهم : "أنا بن فلان لا أستطيع أن أعمل خضارا أو جزارا أو نجارا أو أي عمل لم يسبق لأهلي أن عملوا به ، ولا يناسبني ذلك" ، بالعكس ، ألم يكن أهلك رعاة غنم ؟يسافرون مئات الأميال بحثا عن لقمة العيش . قال رجل : "العيشه منْ كَسْبْ حْلالْ ، ولو فالشغله فأرض بعيد" . يعز علي ويحز في نفسي رؤية شبابنا في هذه الحالة . أغلبهم يتعاطى المخدرات والخمور والسجائر والحشيش و"شي ماني عارف آنا شنهو"  ، لماذا تتصرفون على هذا النحو ، والحال أنكم أمل هذه الأمة . أمهاتهكم كُنَّ يعقدن عليكم الكثير من الآمال ، وينتظرن أمجادا من صنعكم . لماذا لا تحققون أحلامهم . بل لماذا لا تنفعون أنفسكم أولا فضلا عن أن تنفعوا غيركم ؟ شباب "يا ويلي" لا يستيقظ إلا ظهرا مع الواحدة أو الثانية زوالا ، ثم يمد يده لوالده الهرم ليطلب عشرة دراهم أو عشرين ، لكي يركب سيارة . كيف تمد يدك والبر والبحر مفتوح . أبواب البحر والتجارة والفلاحة والنقل مشرعة أبوابها في مسقط رؤوسنا . أسباب المبادرة متوفرة .
-      لو أن شخصا ما قرأ هذه التدوينة ، ويرغب في التعاون معكم ، كيف ترى هذا التعاون ؟
-      كل ما أعرفه رهن إشارة الجادين من شبابنا . ورقم هاتفي تحت تصرفهم .
- كان لقاء مشرفا ، ونشكر لك سعة صدرك ، وجزاك الله خيرا .
- ولكم الشكر أيضا .
رقم الهاتف المحمول لمحمد فاضل الخراشي 06.15.40.78.99

ليست هناك تعليقات: