02 فبراير 2013

هل أستمر في التدوين ؟


قبل شهر اتخذت قرارا مهما ، وهو التدوين . والذين سبقوني إلى هذه الفكرة يدركون جيدا أنه قرار شجاع !! فأول ما سيتبادر إلى ذهنك هو :
1 – عماذا أتحدث ؟
2 – هل أوفق في الاستمرار ؟

بالطبع هناك أسئلة أخرى جالت بفكري سأذكرها لاحقا ، لكن الأهم في نظري هو ما سبق . عماذا أتحدث ؟ لا أظن الإجابة صعبة ، وهي باختصار تحدث في ما تحبه وتهتم به ، وما تظنه يهم القارئ . نعم ، القراء ليسوا سواء ، ولن يكون بإمكانك إرضاؤهم جميعا ، ولكن أرضِ ضميرك أولا وقل ما تعتقد أن الحق والصدق . لا شك أن هناك فئة ولو قَلَّت ستستفيد مما تخطه ، ولا تحتقر من المعروف أن يستفيد شخص واحد مما تقول .
لقد ذكر الأستاذ رؤوف أنه دوَّن خلال خمس سنوات ، ولم يكلف نفسه يوما عناء التفكير في مواضيع الأيام القادمة . إن كنتَ في ريب من قوله ، فأنني أؤكد لك أنه صحيح . كن فقط على استعداد لالتقاط الإلهام مما حولك ومما تراه وتقرأه. وإذا لم يحدث ذلك تحدث عن مشكلة انعدام الإلهام J
من بين الأشياء التي كنت أضعها نصب عيني ، أن أصالة محتوى المدونة شيء مهم ، فأي شخص يستطيع أن ينسخ مواضيع لآخرين ، لكن أن تكتب القليل من إنتاجك هو الصعوبة نفسها ، والمحتوى الجيد لا يحتاج إلى دعاية ، وهو تحد كبير بالنسبة لي .
أحيانا ، كنت أراقب سلوك قرائي وأعتقد أنني أفهمهم ، لكنني أصر على ألا يكون سلوكهم محددا لتوجهي في الكتابة ، بل ما أعتقد أنه الصواب . ولا أظن أنه بإمكاني الحكم على نفسي ، دون أن تميل نفسي إلى نفسي .
من مزايا بني البشر أن لهم تاريخا وثقافة تتراكم عبر الأجيال . ولقد عُدَّ اختراع الكتابة من بين أهم الأحداث في تاريخ الانسان ، لأنه يعني ببساطة أن تجارب الآباء والأجداد لن تضيع سدى ، وأن الأبناء والأحفاد سيراكمون تلك الخبرات لما فيه خيرهم وسعادتهم .
كلنا يعلم أن الانسان اجتماعي بطبعه ، ميال إلى التواصل مع أبناء جنسه، فكلنا نتحدث ونكتب . لكن من الغريب حقا في عالم البشر أن الإنسان قد يكتب لأشخاص لم يسبق له  أن قابلهم في حياته ، بل الأعجب من ذلك أنه قد يكتب لمن لم يولدوا بعد ، يكتب للمستقبل . انظر مثلا إلى المؤلفين والمؤرخين من أجدادنا كيف كتبوا لنا قبل أن نكون شيئا مذكورا ، وهذا شيء أستشعره حينما أكتب .
هل أوفق في الاستمرار في الكتابة أولا ؟
سبق لي أن طرحت هذا السؤال في أول تدوينة لي ، وأجبت بأن ذلك مما لا يمكنني معرفته لأنه في المستقبل . الآن بعد مرور شهر من التدوين أعلم أنني وفقت في الاستمرار خلاله ،  لكن ماذا عن الشهور القادمة ؟ نفس الجواب : لا يهم .
عادة ، حينما يدون أحدنا يتساءل عن مدى تفاعل القراء مع المدونة ، وهو يقصد بذلك تعليقات القراء . لعل المدونين يحبون أن يعلق القراء أسفل تدويناتهم ، لكن الواقع لم يكن ذلك بالنسبة لي . أقصد أنني لا أتوقف عند تلك النقطة كثيرا .
في نظري ، القارئ حينما يفتح الصفحة قد يغلقها مباشرة ، وقد يمضي مدة قد تطول وقد تقصر . وكل ذلك مؤشر على درجة معينة من التفاعل ، لكنه قد يتطور إلى درجة أكبر تسمى التعليق ، وربما إلى درجة أكبر وهي نشر ذلك المحتوى .
كم أكتب ؟ لم أتوقف عند هذه النقطة لمدة طويلة ، لكنني وضعت مقياسا ناسبني في تلك الفترة ، وهو ألا يقل عدد كلمات التدوينة عن أربعمائة كلمة . نعم ، قد تبدو قليلة في نظر البعض لكنني آثرت التعويل على الاستمرارية وأصالة المحتوى ، وتخليت عن التطويل مؤقتا . لكنني لاحظت أنني كلما كتبت نصا سرديا إلا وجرى القلم بيسر ، وكلما كان الأمر متعلقا ببحث أو حوار إلا وكانت المشقة أكبر .
لعلك عزيزي القارئ تظنني أميل إلى تجزيء المواضيع . أنا أيضا كنت أظن ذلك سابقا ، لكنني أؤكد لك أن الأمر مختلف من موقعي ، فهو من بين أبغض الأشياء إلي ، لأنه يقيدني من حيث الموضوع والوقت . فلا يصلح أن تكتب موضوعا آخر أعجبك قبل إنهاء الموضوع المجزأ . إضافة إلى ذلك ، القراء ينتظرون بقيته ، فلو لم تكتبه لم تزد على خلق الاستياء بأيسر السبل .
أخيرا ، لم أتمكن خلال أيام من التدوين بسبب الأسفار ، أو تواجدي في البادية بعيدا عن أسباب الكتابة لكنني عموما أقول بأن جزء كبيرا مما خططت له قد حصل بعد توفيق الله ، وإذا كنت أنا قد نجدت فيها فأني أدعوك على وجه التفكير جديا في فتح مدونتك ولا تقلق نفسك قائلا : هل أستمر في التدوين ؟

ليست هناك تعليقات: