بداية أشكر الـمُعَلِّق عبد المولى بابي الذي كان
تعليقه مركزا في التعريف بالرجل الذي نتحدث عنه ، وأقتبس منه ما يلي تعريفا بنسب رجلنا: هو
"الموسوعة الخراشي بن أحمد العبد بن علي ، الملقب بعمي خاشي رحمه الله"
.
وثانيا ، لعل المهتمين بالتنمية البشرية وخصوصا الذي
يدرسون التفكير وأنماطه ، لعلهم سيدركون أن الرجل كان ذا فكر إبداعي خلاق ، بارعا
في حل المشكلات . وأسوق الحادثة التالية التي تؤكد ذلك .
كان الخراشي يقود سيارته . وفي أرض قفر تعطلت السيارة .
انكسر قضيب حديدي يكون أسفلها – لا أدري بم يسمى - ، لكنه يوجد أسفل كل السيارات
ويدور حول نفسه ما دامت تتحرك . فماذا فعل الخراشي ؟
بعد مدة من التفكير ، وبعد إعداد الشاي واحتسائه قرر أن
عماد خيمة كان يحمله معه سيحل المشكلة . جبر طرفي القضيب المكسور بضم الركيزة
إليهما ، وشدهما إليها بإحكام بحبال متينة. وبعد محاولات تمكن شطرا القضيب الحديدي
من الدوران حول نفسهيما في توافق ، مما يعني أن السيارة تستطيع السير حتى المدينة
.
إن المنصف ليدرك بأن هذا النمط من التفكير نمط إبداعي
نادر أصيل، لا تكشف عنه إلا المشكلات الأصيلة غير المسبوقة .
حسنا ، قد يبدو لك الأمر عاديا ، ففي أحسن الأحوال ليس
لديه ما يخسره لو غامر ودفعت السيارة ثمن المغامرة ، لكن يضلح ذلك في عالم البشر ؟
كان الرجل مشهورا بمعالجة الكسور المستعصية . وهنا يبدأ
حديثي مع محمد فاضل رفيقي في السفر حيث قلت له :
-
هل تعلم بقصته مع السيارة ؟
-
نعم . تلك قصة معروفة ، لكنني أزيدك شيئا آخر . ذلك الرجل كان طبيبا
تقليديا ، بل حصل على شهادة من وزارة الصحة الإسبانية إبان الاستعمار الاسباني .
كان يقوم بالحجامة . ولن تصدق بأن العظمة العلوية من جمجمته منزوعة ، ولن تصدق
بأنه هو من نزعها .بل فعلها مع آخرين في حالات مستعصية ، قام بنزع العظام من
أماكنها ، ثم نظفها وأعادها إلى سيرتها الأولى ، وأحيانا ينزع عظم ساق ويعوضه .
ذات مرة جاءته امرأة من بوجدور فنزع عظم ساقها لما تعفن ثم وضع مكانه عظمة من عظام
ناقة (حرگفة زايلة) ، ولما شفيت المرأة كان من غير الممكن أن تلاحظ شيئا غريبا في
مشيتها ، وعاشت بشكل طبيعي.
-
من يا ترى من أبنائه يبدو لك مميزا ؟
-
لديه ابنان يعملان في الصيد حاليا . أحدهما في افتيسات ، والآخر في بوجدور
يتاجر في جميع أنواع السمك وخصوصا أجودها.
-
ألا ترى معي أن شبابنا عموما في الصحراء يميل إلى الدعة والكسل والخمول ،
فماذا تقول ؟
-
شبابنا كما قلتُ لك قبل قليل فيه الكثير من التَّرْشَه (الكِبْر) ، يقول
أحدهم : "أنا بن فلان لا أستطيع أن أعمل خضارا أو جزارا أو نجارا أو أي
عمل لم يسبق لأهلي أن عملوا به ، ولا يناسبني ذلك" ، بالعكس ، ألم يكن
أهلك رعاة غنم ؟يسافرون مئات الأميال بحثا عن لقمة العيش . قال رجل : "العيشه
منْ كَسْبْ حْلالْ ، ولو فالشغله فأرض بعيد" . يعز علي ويحز في نفسي رؤية
شبابنا في هذه الحالة . أغلبهم يتعاطى المخدرات والخمور والسجائر والحشيش و"شي
ماني عارف آنا شنهو" ، لماذا
تتصرفون على هذا النحو ، والحال أنكم أمل هذه الأمة . أمهاتهكم كُنَّ يعقدن عليكم
الكثير من الآمال ، وينتظرن أمجادا من صنعكم . لماذا لا تحققون أحلامهم . بل لماذا
لا تنفعون أنفسكم أولا فضلا عن أن تنفعوا غيركم ؟ شباب "يا ويلي"
لا يستيقظ إلا ظهرا مع الواحدة أو الثانية زوالا ، ثم يمد يده لوالده الهرم ليطلب
عشرة دراهم أو عشرين ، لكي يركب سيارة . كيف تمد يدك والبر والبحر مفتوح . أبواب
البحر والتجارة والفلاحة والنقل مشرعة أبوابها في مسقط رؤوسنا . أسباب المبادرة
متوفرة .
-
لو أن شخصا ما قرأ هذه التدوينة ، ويرغب في التعاون معكم ، كيف ترى هذا
التعاون ؟
-
كل ما أعرفه رهن إشارة الجادين من شبابنا . ورقم هاتفي تحت تصرفهم .
- كان لقاء مشرفا ، ونشكر لك سعة
صدرك ، وجزاك الله خيرا .
- ولكم الشكر أيضا .
رقم الهاتف المحمول لمحمد فاضل الخراشي 06.15.40.78.99
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق